Translate

12‏/09‏/2007

التصحيح الجنسى حكاية زينب البحرين

التصحيح الجنسي.. حكاية زينب..نموذج!
تحقيق: محمود النشيط
جريدة أخبار الخليج - البحرين
02/05/2007

مضى أكثر من عامين منذ أن تعرفت إلى أول حالة لتحويل الجنس من أنثى إلى ذكر بالبحرين، حتى زاد عندي الفضول أكثر لمتابعة مجريات هذا الأمر الذي يجمع العديد من الفصول التي تعتمد من قبل عدة جهات من أجل أن تتحقق رغبة التحول.. والمعروف ان الراغبين في التحول من جنس الى اخر لا بد أن تكون لديهم الأسباب والمبررات والدوافع لذلك، وان تتوافر الإثباتات الصحية والطبية والقانونية وهو ما حدث بالفعل للحالة الأولى التي أخذ بها القضاء البحريني وأصدر فيها الحكم بتصحيح الجنس من أنثى إلى ذكـر. أما الحـالة الثانيـة فمازالت في طـور النظر أمام القضاء البحريني وإن كان المشرع البحريني قد أجاز بفتوى التصحيح الجنسي.


المجتمع بجميع أطيافه له العديد من وجهات النظر حول هذه القضية وكل طرف ينظر إليها من زاوية معينة، فهناك النظرة السطحية التي تحكم على هذا الأمر والتي غالبا ما ترفضه وهناك ايضا النظرة المتعمقة التي تقول ان وراء هذا الطلب أسبابا خاصة وحيوية.


ترى كيف يتعايش هؤلاء المتحولون جنسيا مع مجتمعهم وهم في هيئة جديدة وكأنها بداية لخلق جديد؟ «أخبار الخليج« حاولت التعرف عن قرب اوضاع أصحاب هذه الحالات الخاصة الذين قرروا التصحيح الجنسي بمحض إرادتهم، بعد أن عاشوا سنوات طويلة في أجواء خاصة جداً لا يعرف تفاصيلها إلا بنو الجنس ذاته، وهم الذين بحاجة إلى التأهيل الخاص للعيش مع الوضعية الجديدة، للتعايش مع أهلهم والمقربين إليهم، ومن ثم مع نظرة المجتمع الذي يمكن أن يقبلهم أو يرفضهم. نماذج بعد أن تحولت «سالي« إلى «سيد« في مصر، و«هبة« إلى «عيسى« في السعودية، و«نيفين« إلى «ميشيل« في لبنان، و«ايمان« إلى «أيمن« في مصر و «م« إلى «س« في البحرين، جاء دور «زينب« لتعلن رغبتها في التصحيح والتحول إلى «حسين« وبإصرار شديد فاق كل التوقعات إلى درجة انها تبذل قصارى جهدها لتجعل من هذا التغير واقعا لتواصل مشوار حياتها الجديد بكل ثقة نفس وجدارة.


بداية القصة

حكاية الشابة البحرينية زينب عبدالحافظ ربيعي (33 عاما) هي معاناة، جعلتها تتخذ الإصرار أسلوبا لتصحيح الوضع الذي لم يأت من فراغ، بل انه جاء بعد أن أوجدت لنفسها التأهيل المطلوب من قبل الأهل والمقربين جدا منها والعارفين أكثر من غيرهم بحالتها منذ سنوات وسنوات طويلة، بالإضافة إلى الأمور الحساسة جداً التي يجب أن تكون عليها البنت بعد سن البلوغ.


كذلك كانت ذات إصرار عجيب على أن توصل رسالة إلى المجتمع الذي يتمتع بغالبية رافضة لمثل هذه الفكرة، وبين فئة متعاطفة ومتقبلة لتعلن بإرادتها الكاملة أمام الملأ أنها حالة مرضية وليست صاحبة بدعة أو ضلالة تريد الإفساد في المجتمع أو تخالف شرع الله، فتكلمت للصحافة ولم تخف ملامحها الذكورية عن عدسات المصورين، حتى زاد عليها طلب المشاركة في البرامج الحوارية على القنوات الفضائية لإيمانها برسالتها في زمن كثر فيه خلط الأوراق بعضها ببعض حتى سمي البعض ما أجازه الشرع أنه حرام، قبل أن يعرفوا أن وراء هذا الإصرار مشاورات شرعية قرر فيها كبار العلماء الموافقة على هذه الخطوة، بناء على ضمانات طبية وصحية مؤكدة، وهذه هي قصتها عبر كلمات صادقة شرحت فيها معاناتها التي صاحبتها طوال سنوات عمرها التي تمتد لأكثر من ثلاثة عقود. الفحوص الطبية المحلية في الوقت الذي لم يكتشف معاناتها وآلامها إلا المقربون الذين شاركوها الألم ونظرات المجتمع القاسية التي لا ترحم، كان الأهل يأملون في أن تجيب الفحوص الطبية والزيارات المكوكية لمجمع السلمانية الطبي على مدى أكثر من 8 سنوات، عن استفساراتهم المحيرة لحالة إنسانية خاصة جداً، لا أن يجتهدوا في تفسير توقعاتهم واجتهاداتهم الطبية المتواضعة عليها، مستخدمين أسلوب التجربة والحظ على نسبة النجاح والفشل التي يمكن أن تصيب من دون تكليف أنفسهم التدقيق أو استشارة أهل الاختصاص الذين هم أكثر خبرة ودراية في مثل هذه الحالات، واكتفوا بأن يصرفوا لها أدوية منع الحمل من أجل الدورة الشهرية، مما أوجدوا لها مضاعفات أخرى لم تكن تنتظرها بأي حال من الأحوال.


وعندما اتجهت إلى الطب الخاص بحثا عن المساندة بالدفع المادي، تم اجراء فحوص التصوير للتأكد من وجود أعضاء أنثوية أو ذكورية أو أي خلل ولكن لم تعط صور الأشعة أي مؤشرات لوجود فروق أو تشوهات خلقية. الفحوص الطبية الخارجية وحيث انها لم تجد ضالتها في بلدها اضطرت إلى اللجوء إلى الاستدانة من أجل مواصلة البحث عن العلاج في المستشفيات القريبة في الدول المجاورة التي أجرت لها ذات التحاليل وصور الأشعة وخلال أيام معدودة لتقر لها بوجود عيوب خلقية، تغلب عليها الذكورية، وهي واضحة المعالم ولا يمكن ألا يكتشفها أهل الاختصاص والمشورة الطبية. ومع بداية بزوغ فجر جديد لأمل في التخلص من المعاناة ومن أجل ضمان التأكد أكثر، تم اللجوء إلى مستشفيات دول عربية أخرى وإجراء ذات الفحوص والصور لتأتي المفاجأة إيجابية بالتأكيد أن هناك علامات ذكورية سهلة يمكن أن يتعرفها الأطباء المختصون، بل انهم أكدوا أيضا أن الأعراض المصاحبة للحالة كانت نتيجة الأدوية التي استعملتها بعد أن وصفتها لها الطبيبة الأولى في البلاد.


ومن أجل الجزم بالاقدام على فكرة تصحيح الجنس، كان لا بد من البحث عن مستشفيات متخصصة في مثل هذه الأمور، فكانت رحلة البحث في الانترنيت سبيلا لتعرّف مستشفى متخصص في دول شرق آسيا، الذي استقبل الحالة، وأعلن ضمانات كثيرة بعد عملية التغيير لأن المساعدات الذكورية كثيرة جداً، وحتمية الإنجاب بعد الزواج واردة أيضاً.


الإجراءات القانونية

في الوقت الذي أعلنت فيه زينب عبدالحافظ عزمها الأكيد على هذه الخطوة الكبيرة، لجأت لأهل الاختصاص ابتداء من الشارع الإسلامي المقدس، وعرضت عليه حالتها موثقة بالتقارير الطبية لتحصل على الإجازة الشرعية، التي على اثرها أصدر قضاة المحكمة الشرعية فتوى معززة أجازت مواصلة الإجراءات القانونية التي يجب أن تكون قبل الإقدام على أي خطوة في الدعوى.


في هذا الوقت عهدت القضية إلى الأستاذة المحامية فوزية محمد جناحي، التي خاضت قضية سابقة وكسبتها وفق الأدلة والبراهين، التي سرعان ما قبلت الدعوى لشمولها العديد من الدلائل الداعمة لموقف طلب زينب تصحيح وضعها الحالي في جميع الوثائق الثبوتية الرسمية، التي سبقها إجراء أول عمليات التصحيح، التي تمت في شهر أغسطس الماضي وكلفت أكثر من 4500 دينار بحريني، على أن ينظر الطبيب الشرعي في تقرير ما بعد العملية ويجري الفحوص الطبية التي تثبت صحة ما هو مكتوب لتحدد جلسة أخرى لمتابعة مجريات القضية. تقول المحامية فوزية جناحي: ان قضايا التحول الجنسي من القضايا الشائعة في دول الغرب، إلا انها في مجتمعنا الشرقي بشكل عام والخليجي بشكل خاص قليلة جداً، وهي لا تكون إلا لمن يمتلك الأسباب القوية التي تدعم طلبه والتي تقر بها المحاكم الشرعية المعتمدة في البلاد.

وبعد نجاح القضية الأولى وصل إليّ العديد من الاستفسارات القانونية حول هذا الموضوع، وهناك بعض الحالات الجديدة التي مازالت قيد الدراسة والفحص وجمع التقارير الطبية. إن أصحاب هذه الحالات في أمس الحاجة إلى رعاية من السادة الأطباء النفسانيين وعرض حالتهم وفقا للرؤية النفسية لهم. وحول قضية زينب عبدالحافظ تقول المحامية جناحي: ان هذه القضية لها أسبابها الخاصة التي جعلتني أتبنى الدفاع عنها ومنها أن التقارير الطبية من داخل مستشفيات البحرين الخاصة وخارجها تؤكد أن موكلتي لا تنتمي إلى جنس النساء لعدم وجود أعضاء تناسلية أنثوية لديها، ويعزز ذلك ان طبيبة بقسم امراض النساء بإحدى المستشفيات وصفت لموكلتي أقراصا لإنزال الدورة الشهرية إلا أن ذلك لم يحدث وباءت محاولات الطبيبة بالفشل.


وقالت: ان الأطباء بالداخل والخارج أكدوا عدم وجود رحم لها، فضلاً عن اختفاء المبايض والعضو الأنثوي، مما يؤكد أن هذه الحالة تعاني اضطراب الهوية الجنسية وهو ما يجعلها ترتدي الملابس الرجالية وتعيش بطريقة الرجال ، ولها علامات وصفات الرجال. وأشارت جناحي إلى أنه في ذات الصدد أثبتت جميع الفحوص أنها تعاني تشوهات وانها رجل، وهو ما أكده احد الأطباء الخاصين المختصين في البحرين، حيث خلص الأطباء إلى عدم وجود عضو الرحم، وكذلك عدم وجود المبايض ولا العضو الأنثوي وان ما استدل عليه هو أعضاء ذكورية، كما أثبتت التحاليل المعملية الكروموزوماتية - وهي العنصر الأساسي في الجسم الذي يثبت الذكورة من الأنوثة - أن علامات الذكورة لدى المعنية أكثر من علامات الأنوثة . ونحن في النهاية نؤكد أن القضاء البحريني لديه من الكفاءة والقدرة على تقدير الظروف والملابسات لكل حالة تعرض عليه حيث لدى السادة القضاة العلم الوافر والثـقافة المتطورة في كل المجالات .

النظرة الطبية هي الفيصل

وحيث ان النظرة الطبية كانت هي المعتمدة للخوض في عملية التصحيح الجنسي ومن ثم التحول من جنس إلى آخر، كان لا بد من معرفة المزيد عن هذه الحالات المرضية التي يبينها لنا الدكتور كمال عبدالإله الحاصل على دكتوراه الجراحة العامة وجراحة الأطفال، الأستاذ المساعد بكلية طب المنصورة، استشاري جراحة الأطفال في مستشفى الأطفال الجامعي بجمهورية مصر العربية، الذي أجرى بعض عمليات التصحيح وكان آخرها للفتاة المصرية التي تحولت من «إيمان« إلى «أيمن«. في رده على السؤال: متى يمكن للطب أن يتدخل لتصحيح نوعية الجنس؟ أجاب الدكتور عبدالإله: انه يجب التدخل لتصليح الجنس في حالة وحيدة هي ما يعرف بالتباس الجنس أو الجنس المختلط وتحدث هذه الحالة لطفل من كل 13 ألف مولود وهي عبارة عن عدم وضوح شكل الأعضاء التناسلية الخارجية أهي تنسب إلى الذكر أم إلى الأنثى وفي هذه الحالة يجب أن يعرض الطفل قبل عمل شهادة ميلاد له على متخصص في جراحة الأطفال أو متخصص في أمراض الغدد الصماء للأطفال فورا لتحديد نوع جنس الطفل ففي بعض الأحيان يكون الكشف الاكلينيكي كافيا لتحديد الجنس ولكن في معظم الأحيان نضطر إلى عمل فحوص معملية مثل تحديد نسبة هرمونات الذكورة والأنوثة بالدم وكذلك عمل تحليل كروموسومي لخلايا الطفل لنعرف أهو ذكر أو أنثى وفي أحايين أخرى نضطر لعمل أشعة متقدمة للطفل الحديث الولادة مثل الرنين المغناطيسي لمعرفة تركيب الأعضاء التناسلية الداخلية مثل الرحم والمبيض في الأنثى أو الحبل المنوي وغدة البروستاتا في الذكر وإذا لم نتمكن من تحديد الجنس بعد كل هذه المحاولات يتم عمل استكشاف جراحي للطفل سواء عن طريق منظار البطن أو عن طريق الجراحة العادية مع أخذ عينات من مختلف الأنسجة وبعد التشخيص يكون الطفل واحدا من ثلاثة أقسام

طفل ذكر ولكن أعضاءه الخارجية أنثوية: هذه الحالة تكون بسبب نقص في إنتاج هرمون التستوستيرون من الخصيتين أو نقص في فعالية هذا الهرمون بسبب وجوده بصورة غير نشطة وفي هذه الحالة تكون الأعضاء التناسلية للذكر تشبه التي للأنثى فنبدأ بإجراء عملية تصليح لهذه الأعضاء في واحل متعددة قد تصل إلى أربع مراحل مثل إنزال الخصيتين من البطن وتكون كيس الصفن ثم تكوين قناة مجرى البول ثم تكون المرحلة الأخيرة وهي عمل تكبير للعضو الذكري ونسبة نجاح هذه العمليات المتعددة تعتمد على مقدار النقص والضمور في هذه الأعضاء التناسلية وكذلك على إمكانيات من يقوم بالجراحة. أما بالنسبة إلى قدرة هذا الشخص على الإنجاب فتتوقف على تركيب الخصيتين إذا كان يحمل الخلايا الأم لتكوين الحيوانات المنوية أم لا ولذلك يجب أخذ عينة من الخصية للإجابة عن هذا السؤال وهو القدرة على الإنجاب أما القدرة على إقامة علاقة زوجية فيجب أن تكون مضمونة قبل الاقدام على مثل هذه العمليات المعقدة والمتعددة.

طفلة أنثى وأعضاؤها الخارجية تماثل الذكر: هذا النوع يمثل 70% من حالات التباس الجنس وفي هذه الحالة تكون المشكلة في الغدة فوق الكلوية حيث لا تتمكن هذه الغدة من إنتاج هرمون الكورتيزون وتقوم بإنتاج هرمونات لها تأثير ذكري في الجنين فيولد بأعضاء تناسلية داخلية أنثوية (رحم ومبيض) ولكن بأعضاء تناسلية ذكرية وتكشف هذا الحالة بعد مرور شهر من الولادة حيث ان نقص هرمون الكورتيزون في دم الطفل يؤدي إلى حدوث تشنجات وازرقاق باللون مما يدفع الأهل إلى الذهاب للطبيب لمعرفة سبب ما حدث وفى هذه الحالة يقوم بعمل الفحوص اللازمة ويتعرف السبب وبعد شفاء الطفل بإعطائه عقار الكورتيزون يحول لجراحة الأطفال لتحويل الأعضاء التناسلية الخارجية من ذكرية إلى أنثوية وتتم هذه العملية على مرحلة واحدة وتصبح الطفلة طبيعية تستطيع أن تتزوج وتنجب مثل أي أنثى أخرى فلا توجد في هذا النوع أي مشكلة خاصة بإمكانية الإنجاب أو إمكانية إقامة علاقة زوجية طبيعية فهي رحمة من الله أن تكون معظم حالات التباس الجنس من هذا النوع.


طفل أنثى وذكر في آن واحد: وهذا النوع هو التخنث الحقيقي حيث يوجد بالطفل المولود جهازا التناسل الذكري والأنثوي ويمثل هذا النوع حوالي 10% من حالات التباس الجنس وهذه هي الحالة الوحيدة التي يتم فيها تخيير الأهل هل يريدون الطفل ذكرا أم أنثى ومعايير الاختبار تكون حسب القواعد الآتية: - إمكانية تكوين أعضاء تناسلية ذكرية أو أنثوية يستطيع معها الشخص إقامة علاقة زوجية سليمة بصرف النظر عن القدرة على الإنجاب. - عمر الطفل: فلو اكتشف التخنث الحقيقي في سن متأخرة فمن الأفضل أن يظل الشخص على الجنس نفسه الذي تربى عليه وعرف به وسط الناس ونقوم بإزالة الأعضاء التناسلية للجنس غير المرغوب فيه خشية حدوث أورام خبيثة.


أماني العائلة:

فقد يتمنى الوالدان أن يكون الطفل ذكرا مثلا أو أنثى فيجب أن يوضع هذا في الحسبان ولكن بعد توافر العاملين الأول والثاني.


بالنسبة إلى السؤال الثاني: أعتقد أن الإجابة أصبحت واضحة وهي أن التحول من ذكر إلى أنثى يكون أسهل كثيرا من التحول من أنثى لذكر. أما عن كيف يجد الدكتور كمال عبدالإله الإقبال على تغيير الجنس في الوطن العربي وهل يحسبها حالات فردية أم ظاهرة؟ فقال مدعما رأيه الطبي بالشرع المقدس: تغيير الجنس لمجرد الرغبة هو حرام شرعا ولا أعلم دولة إسلامية أحلت ذلك إلا المغرب للأسف فهي مازالت حالات فردية ولم ترق إلى أن تكون ظاهرة.

ليست هناك تعليقات: