Translate

07‏/09‏/2007

باب ميراث الخنثى

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

باب ميراث الخنثى:

الخنثى: هو الإنسان الذي لم يعلم أنه رجل أو امرأة؛ لم يعلم ويتحقق ذكوريته ولا أنوثيته، فتارة يكون له آلتان؛ له ذكر وفرج، ففي هذه الحال يختبر بالبول، فإذا بال من الذكر فهو رجل، وإن بال من الفرج؛ فهو امرأة، فإن بال منهما جميعا؛ اعتبر أسبقهما. أي الذي يخرج منه البول أسبق وقبله، فإذا بال منهما جميعا ولم يسبق أحدهما الآخر؛ اعتبر أكثرهما إذا كان البول من الذكر أكثر؛ فهو رجل.

وإن كان من الفرج؛ فهو امرأة فإن بال منهما سواء؛ فهذا هو المشكل فيؤجل هو ومن معه إلى البلوغ، فإذا بلغ؛ فقد يتبين فإن الرجل يتميز بخشونة صوته، وبنبات لحيته أو شاربه، وكذلك بعلامات الرجولة فيه، فيحكم بأنه رجل، فإن لم تظهر هذه العلامات؛ فإنه امرأة.

إذا بلغ وكان صوته صوت أنثى، ولم ينبت شعر وجهه؛ تبين أنه امرأة؛ فيعطى ميراث امرأة. أما تارة يكون خنثى ليس له آلة رجل ولا آلة امرأة؛ يكون له ثقب يخرج منه البول لا يشبه واحدا منهما. لا يصدق عليه أنه رجل ولا أنه امرأة؛ لا أنه ذكر ولا أنه فرج ففي هذه الحال ينتظر أيضا، غالبا أنه يتبين عند البلوغ.

ذكر ابن كثير في التاريخ أنه في زمانه رجل صار رجلا بعد أن كان في أول أمره يعد مع النساء. ذكر أنه قابله، وأنه سأله يقول: إنه في صغره، وفي أول شبابه كان مع النساء؛ حيث إنه ليس له آلة ظاهرة يعني: ذكر، فعد كأنه امرأة، وتعلم ما يتعلمه النساء من الخياطة والزركشة وأمور النساء، ولما بلغ تميز وإذا هو رجل، وتدلى له ذكر وأنثيان، وعرف أنه رجل؛ فبرز للرجال.

قابله ابن كثير، واستفصل منه بأول أمره، فهذا يمكن أن ذكره كان في صغره دونه جلد قد حال دونه ونحو ذلك.

وفي سنة تسع وسبعين من القرن الماضي أعلن عن رجل انقلب امرأة؛ ظهر أنه امرأة. كان له شبه ذكر، فكان مع الرجال يخالطهم، ويُظن أنه رجل، وبعد أن بلغ مبلغ النساء ذهب تلك الآلة. بعد ذلك انفرج له فرج، ونشرت عنه الصحف كثيرا، وكان اسمه أولا أحمد، ثم لما انقلب امرأة سمي حُميدة، هكذا فهذا ليس بمستغرب، ولا شك أن الأصل أن القسمة ثنائية قال الله تعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ما ذكر ثالثا؛ إنما ذكر الاثنين، وهذا هو اليقين أن القسمة ثنائية، وأن البشر لا يكونون إلا رجالا أو نساء.

هذا هو المعتاد ولكن قد يكون في أول الأمر فيه شيء من الاشتباه.

وقد يوجد أيضا في البهائم. ذكر صاحب الحاشية على شرح الرحبية؛ صاحب الحاشية يقول: سألني أناس عن ولد بقرة لم يتضح أنه ثور ولا أنه بقرة؛ لم يتبين له فرج البقرة ولا ذكر الثور، وأشكل أمره ونشأ وظهر وكبر، يقول: سألوني هل تجوز الأضحية به؟ فأفتيتهم بأنها تجوز؛ وذلك لأنه من جنس البقر؛ فلا يخرج عن كونه من الأصناف الثمانية في قوله تعالى: وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ فهو إما من الذكور أو من الإناث.

ولكن اشتبه أمره دليل على أنه يوجد هذا الاشتباه حتى في البهائم، ومع ذلك يذكرونه كثيرا، وبعضهم لا يتعرض له.

الشيخ ابن عثيمين في تفسير الفرائض لم يذكره في رسالته؛ لأنه نادر الوقوع. أي أن الغالب المجتمع الأغلب فيه عدم وجود هذا النوع الذي هو الخنثى، ولكنه ليس بمستحيل.

كيفية توريث الخنثى

فهكذا يقولون: إذا كان له ذكر وفرج يعتبر فيها أحواله، فإن رجي انكشاف حاله؛ أعطي ومن معه اليقين. إذا رجي أنه ينكشف عند البلوغ، وطلبوا القسمة وشكوا فيه، فيعطى اليقين؛ يعطى الأنقص من كونه رجلا أو امرأة، فإذا كان كونه رجلا أنقص قدرنا أنه رجل.

وصورة ذلك أنه إذا كان رجل؛ فقد يكون محروما كالأخ المشئوم كما سبق، وقد يكون ميراثه أقل من ميراث الأنثى في صورة الإخوة والأخوات، فمثلا إذا كان هناك أختان وأبوان وزوج؛ فإن الأختين ميراثهما أكثر من ميراث الأخوين؛ حيث تعول لهما المسألة فإذا قدرنا أن أحد الأختين خنثى؛ جعلناهما ذكرين أو ذكرا وأنثى؛ حتى لا تعول المسألة، وأعطينا الزوج والأبوين؛ أعطيناهما اليقين. كنا نقدر أنهما أنثيين حتى تعول المسألة فينقص إرث الموجودين.

مثال ذلك: إذا كان هناك أختان وزوج وأم، وأختان لأم. أليس الأختان الشقيقتان أو لأب يأخذان الثلثين ثمانية، وتعول المسألة، والزوج يأخذ النصف، والأم وأولادها يأخذون النصف فتعول المسألة؟ ففي هذه الحال نقدر أن الأخ؛ أن أحد الخنثيين من الإخوة أنه رجل، وهنالك يسقط، وتسقط أخته، ثم نقدر أنه أنثى، وهناك أيضا تعول، ويدخل النقص على الزوج، ويدخل على الأختين من أم، ويدخل على الأم.

فمسألة الأنوثية من عشرة، يعني: الأختين لهما الثلثان، والأختين لأم لهما الثلث، والزوج له النصف، والأم لها السدس عالت إلى عشرة، ولو كان بدل الأختين الشقيقتين أخوين ما عالت المسألة، ولم يرث الأخوان، ولم ترث الأخت معه؛ ففي هذه الحال يعطى أهل الفرائض نصيبهم على أنهما أختان من عول المسألة.

لك يا زوج ثلاثة من عشرة، ولكما يا إخوان من أم اثنان من عشرة، ولك يا أم واحد من عشرة، وأنتما أيها الأخوان؛ الأخ والأخت المشكل لا شيء لكما، ونوقف الأربعة الباقية، الأربعة من عشرة، فإن تبين أنه أنثى أخذوا هذه الأربعة الموقوفة لهما، وإن تبين أنه رجل فلا شيء لهما، وردت على الورثة؛ لأنهما يكونان من أهل التعصيب، والمعصب لا يأخذ إلا ما أبقت الفروض، وهاهنا ما بقي شيء؛ استغرقت الفروض التركة. الزوج له ثلاثة، والأم لها واحد من أربعة، والأخوان لأم لهما اثنان، والأختان من الأب أو الأخ وأخت من الأب لا يرثان بل يسقطان؛ لأنهما عصبة والمعصب لا تعول له المسألة.

فالحاصل أنه يعطى ومن معه اليقين ويوقف الباقي، ونقدر أقل تقدير. أما إذا بلغ ولم يتبين أنه ذكر ولا أنثى، أو مات قبل أن يتبين أمره؛ فإنه يرث نصف ميراث ذكر، ونصف ميراث أنثى، وطريقة ذلك أن تجعل مسألتين: مسألة ذكورية، ومسألة أنوثية. تعطيه من هذه نصف الميراث، ومن هذه نصف الميراث؛ نصف ميراثه من هذا ونصف ميراثه من هذا، ففي مسألتنا؛ مسألة الذكورية ليس لهم شيء، ومسألة الأنوثية لهم أربعة من عشرة، ففي هذه الحال نعطيهم اثنين، ونقسمها بين الاثنين؛ للذكر مثل حظ الأنثيين.

يقول: وكذا ديته وجراحه. ديته إذا قتل وهو صغير. له نصف دية رجل، ونصف دية امرأة. له نصف دية الرجل خمسون ألفا، ونصف دية المرأة خمسة وعشرون ألفا، فيجتمع له خمسة وسبعون، وكذا دية جراحه. إذا كانت الجراح تتفاوت، وأما إذا كانت لا تتفاوت فيعطاها كاملة وهي ما دون ثلث الدية.

ولا يزوج بحال؛ لأنه إذا زوج فإما أن يتزوج برجل فيحكم بأنه أثنى، أو يتزوج بأنثى فيحكم بأنه رجل، وما ذكر على ألسن بعض الناس من أنه يوجد إنسان له أولاد من ظهره وأولاد من بطنه. لم يتحقق هذا.

يعني أن له ذكر تزوج امرأة وولد له، وله فرج تزوجه رجل وحمل وولد له، والظاهر أن هذا من الحكايات التي على الألسن؛ فلأجل ذلك الصحيح أنه لا يزوج. يكون الخنثى في الأولاد، وفي أولاد الأبناء، ويكون الخنثى في الإخوة وفي الأخوات، وفي الأعمام وأولاد الأعمام وأولاد الإخوة، وسائر العصبة وفي الولاء، ولا يكون الخنثى أبا ولا أما ولا جدا ولا جدة ولا زوجا ولا زوجة؛ لأن هؤلاء معروف ذكوريتهم وأنوثيتهم.

ليست هناك تعليقات: