Translate

05‏/09‏/2007

العابرون

العابرون
Submitted by African Doctor on Fri, 17/03/2006 - 10:42.
تحذير: أعتذر لمن يظن أن هذه المدونة عائلية - إذا كنتَ أقل من 18 سنة، أو إذا كنتَ لا تريدالخوض في أمور مختصة بالجنس، من فضلك لا تقرأ هذه التدوينة و لا تتبع روابطها
عام 1954، انتهى الجراحون تماماً من مهمتهم... و خرجت إلى الوجود هذه السيدة الجميلة صاحبة الصورة. كريستين جورجنسن، صاحبة أول عملية - مسجَلة - لتصحيح الجنس في التاريخ. و على حسَب ما روى الجراحيون الذين اشتركوا في تلك العملية (أو بالأحرى العمليات) الجراحية فقد استغرق الأمر أكثر من عامين، حيثُ بدأت سلسلة العمليات من عام 1952 و انتهت تماماً عام 1954 و قد صارت كريستين كما أرادت ، بل أكثر؛ لأنها أصبحت حدثاً إعلامياً هزّ المجتمع الأمريكي و قتها.

عابرو الجنس، لم أجد ترجمةً افضل للمصطلح الطبي الإنجليزي. و الواقع أن الكلمة قد استهلكت حتى راح المعنى الأصلي و الحقيقي لها.
من هم عابرو الجنس؟
لا يوجد تعريف وحيد لهذه الحالة، بعض الأطباء يتحدثون عن "المرأة المحبوسة في جسد رجل" فيختزلون الأمر إلى مشكلة نفسية خالصة - ربما حتى في غياب مظهر عضوي. أما التعريف الأكثر شهرة - و الأكثر إثارة للفضول عند الناس - هو عن الشخص الذي يمتلك مجموعتين من الأعضاء التناسلية تشمل الجنسين، هذا التعريف غالباً يقصد تلك الحالات النادرة - الموجودة بالفعل - للجمع بين الجنسين في جسد واحد. لكن ربما كلمة "هيرمافروديت" تعبر بالأكثر عن تلك الحالة الاستثنائية.

(كان هيرمافروديتس طفلاً جميلاً جداً، لذلك فإن سلاميكس اشتهت أن تتحد بجسده الخلاّب بعد أن شاهدته عارياً يسبح في البحيرة. و لصدق حبها‘ فقد منحتها الآلهة رغبتها في الاتحاد الأبدي به، حتى صارا جسداً واحداً لا يفترقان للأبد. بعد ذلك، تسمّت الحالة الفريدة - التي يجمع فيها الإنسان بالفعل بين جنسين - بالاسم الإغريقي القديم).

أجد أكثر التعريفات ملائمةً هو من يفرق بين الكود الجيني و التعبير العضوي عنه. هكذا يعرّف عابر الجنس بأنه هذا الشخص الذي يحمل في خلاياه جينات الذكر بينما يفشل الجسد في الاستجابة لإشارات هذه الجينات فلا يحمل صفاتٍ ذكورية. على أنه - لغياب الجينات الأنثوية - لا يحمل صفاتٍ أنثوية كذلك. من هنا تنشأ الأزمة - الجسدية و النفسية!

صباح الخير يا دكتور
حيّتنا بابتسامة مرحة، ألاحظ تغييراً ما في نبرة صوتها . بشكل ما تذكرني بداليدا التي أعشقها!
إذا سارت هذه الحسناء أمامك في الشارع، فإنك أبداً لا يمكنك تخيل العملية التي كانت مقبلة عليها هذا الصباح! لقد كانت بصدد إحدى تلك العمليات - التي أصبحت منتشرة الآن - لتصحيح الجنس. ذلك أنها قد طَلَبت من الجرّاح أن يصنع لها مهبلاً، كان ذلك بمثابة استعداداً للزواج، كما ذكرت لنا قبل العملية.

بعد أربع ساعات، تحقق لها ما طَلبت، و خرجت امرأةً كاملة الأنوثة



باستخدام القولون، نجح الجراحون في تشكيل مهبل يشبه الأصلي في الشكل. و بقطعٍ خارجيٍ - كما هو مبينٌ في الشكل- يستطيعون توصيله بفتحةٍ خارجية بعد قيامهم باستئصال بقايا الأعضاء الذكرية الضامرة. ثم ببعض عمليات التجميل الخارجية يصبح الشكل مقارباً جداً للواقع حتى أنه يشبهه تماماً في أحيانٍ كثيرة.

لكن ما عجَز عنه الجرّاحون دائماً كان - و لا يزال - هو ضمان الإحساس الكامل لما صنعوه. بعضهم يظن أن هذا يعتمد على وجود الأعصاب في هذه المنطقة من عدمه، و هذا ليس بأيديهم كما يقولون - فلربما يكون ما صُنعَ مجرد أنبوبة وظيفية أو ربما يكون عضواً في غاية الحساسية... في علم الغيب

نحن الجراحين يمكننا أن نصنع جسداً - و لكننا لا يمكننا أبداً أن نخلق علاقةً

في الهند القديمة - و حتى الآن - ، كان العابرون يُطلق عليهم "الهجرة". و كنّ يعشنَ حياة النساء دون مشاكل لكن في مجتمعاتٍ مغلقة، بعد أن يتم "نزع ذكورتهن" في عملية بدائية. و قد أطلق عليهم البعض "النوع الثالث"

و إذا صادفك الحظ أن تشاهد و احد\واحدةً منهم في مصر، فإن الوضع يصبح أكثر مأسويةٍ بمراحل. و قد شاهدتُ بنفسي فتياتٍ و قد عانين من محاولات "تأنيثهن" بكل الطرق التي يمكن -و لا يمكن - تخيلها. و لاتجد عندهن سوى بقايا جراح؛ في النفس و الجسد


لماذا نقوم بعمليات "تصحيح" الجنس؟ و من افترض أن أجناسنا هي "الصحيحة"؟
لماذا لا يمكننا أن نعترف أن "جنساً ثالثاً" يعيش بيننا و أن لهذا الجنس خصائص كأجناسنا تماماً؟ و لماذا يسعى أصحاب هذا الجنس "للتصحيح"؟
هل هي الرغبة الأزلية أن يشبه البشرُ البشرَ؟ و ما الذي جعل الأطباء يعتبرون تلك "الحالة" مرضاً؟ ما الذي يجعل أيَّ شيءٍ في العالم مرضاً؟ هل هو مجرد الاختلاف عن الأغلبية؟

أتساءل عن المعنى الحقيقي للفارق الجنسي بين الرجال و النساء. ما الذي يجعل رجلاً يريد بشدة أن يصبح امرأةً - أو العكس؟ هل هي التنشئة؟
و هل أصلاً هويتنا الجنسية هامة إلى هذا الحد؟ فإذا كان الأمر كله لا يخرج عن لعبة يلعبهاالجراحون بمهارة، فما هو الدافع و ما هي المتعة في شأن الهوية الجنسية للإنسان -

ليست هناك تعليقات: